الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فقال أما وعمر حي فلا فلما أصبح بعث إلى نصر بن حجاج فإذا رجل جميل فقال اخرج فلا تساكني بالمدينة فخرج حتى أتى البصرة وكان يدخل على مجاشع بن مسعود وكانت له امرأة جميلة فأعجبها نصر فأحبها وأحبته فكان يقعد هو ومجاشع يتحدثان والمرأة معهما فكتب لها نصر في الأرض كتابا فقالت وأنا فعلم مجاشع أنها جواب كلام وكان مجاشع لا يكتب والمرأة تكتب فدعا بإناء فأكفاه على المكتوب ودعا كاتبا فقرأه فإذا هو إني لأحبك حبا لو كان فوقك لأظلك ولو كان تحتك لأقلك وبلغ نصرا ما صنع مجاشع فاستحيا ولزم بيته وضني جسمه حتى كان كالفرخ فقال مجاشع لامرأته اذهبي إليه فأسنديه إلى صدرك وأطعميه الطعام بيدك فأبت فعزم عليها فأتته فأسندته إلى صدرها وأطعمته الطعام بيدها فلما تحامل خرج من البصرة. فإن قيل فهل تبيح الشريعة مثل ذلك قيل إذا تعين طريقا للدواء ونجاة العبد من الهلكة لم يكن بأعظم من مداواة المرأة للرجل الأجنبي ومداواته لها ونظر الطبيب إلى بدن المريض ومسه بيده للحاجة وأما التداوي بالجماع فلا يبيحه الشرع بوجه ما وأما التداوي بالضم والقبلة فإن تحقق الشفاء به كان نظير التداوي بالخمر عند من يبيحه بل هذا أسهل من التداوي بالخمر فإن شربه من الكبائر وهذا الفعل من الصغائر والمقصود أن الشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلاق سنة ماضية وسعي مشكور.وقد جاء عن غير واحد من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم أنهم شفعوا هذه الشفاعة.فقال الخرائطي حدثنا علي بن الأعرابي حدثنا أبو غسان النهدي قال مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته بطريق من طرق المدينة فإذا جارية تطحن برحاها وهي تقول: فدق عليها الباب فخرجت إليه فقال ويلك أحرة أنت أم مملوكة فقالت بل مملوكة يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فمن هويت فبكت ثم قالت بحق الله إلا انصرفت عني قال لا أريم أو تعلميني فقالت: فصار إلى المسجد وبعث إلى مولاها فاشتراها منه وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب وقال هؤلاء فتن الرجال وكم قد مات بهن من كريم وعطب عليهن من سليم ويذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه جاءته جارية تستعدي على رجل من الأنصار فقال لها عثمان ما قصتك فقالت يا أمير المؤمنين كلفت بابن أخيه فما أنفك أراعيه فقال له عثمان إما أن تهبها لابن أخيك أو أعطيك ثمنها من مالي فقال أشهدك يا أمير المؤمنين أنها له.وأتي علي بن أبي طالب بغلام من العرب وجد في دار قوم بالليل فقال له ما قصتك فقال لست بسارق ولكني أصدق: فلما سمع علي شعره رق له وقال للمهلب بن رباح اسمح له بها ونعوضك منها فقال يا أمير المؤمنين سله من هو لنعرف نسبه فقال النهاس بن عيينة العجلي فقال خذها فهي لك.وذكر التميمي في كتابه المسمى بامتزاج النفوس أن معاوية بن أبي سفيان اشترى جارية من البحرين فأعجب بها إعجابا شديدا فسمعها يوما تنشد أبياتا منها: فسألها فقالت هو ابن عمي فردها إليه وفي قلبه منها.وقال سالم بن عبدالله كانت عاتكة ابنة زيد تحت عبدالله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكانت قد غلبته على رأيه وشغلته عن سوقه فأمره أبو بكر بطلاقها واحدة ففعل فوجد عليها فقعد لأبيه على طريقه وهو يريد الصلاة فلما بصر بأبي بكر بكى وأنشأ يقول: فرق له أبو بكر رضي الله عنه وأمره بمراجعتها فلما مات قالت ترثيه: فلما حلت تزوجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأولم عليها فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتأذن لي يا أمير المؤمنين أدخل رأسي إلى عاتكة أكلمها قال نعم فأدخل علي رأسه إليها وقال يا عدية نفسها: فبكت فقال له عمر ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن كل النساء يفعلن هذا فلما قتل عمر قالت ترثيه: فلما حلت تزوجها الزبير بن العوام فاستأذنت ليلة أن تخرج إلى المسجد فشق ذلك عليه وكره أن يمنعها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فأذن لها ثم انكمى في موضع مظلم من الطريق فلما مرت وضع يده عليها فكرت راجعة تسبح فسبقها الزبير إلى المنزل فلما رجعت قال لها ما ردك عن وجهك قالت كنا نخرج والناس ناس وأما اليوم فلا وتركت المسجد فلما قتل الزبير قالت ترثيه: فلما حلت خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت إني لأضن بك على القتل. اهـ.
أي: مقتدران ومنه: [الخفيف] وأنشد نَضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: [الطويل] قال النَّحَّاس: هو مُشْتَقٌ من القُوتِ، وهو مِقْدَارُ ما يَحْفَظ به بَدَنُ الإنْسَانِ من الهَلاَك فأصل مُقيت: مُقْوِت كَمُقِيم.ويقال: قُتُّ الرَّجُلَ؛ إذا حَفِظْتَ عليه نَفْسهُ «وكفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقيت» وفي رواية من رَوَاه هَكَذَا، أي: مَن هو تَحْت قُدْرَته وفي قَبْضَتِه من عِيَالٍ وغيره؛ ذكره ابن عَطِيَّة: يقول: منه: قُتُّهُ أقوته قُوتًا، وأقَتُّهُ أقِيتُهُ إقَاتَةً، فأنا قَائِتٌ ومُقِيتٌ.وأمَّا قول الشَّاعِرِ: [الخفيف] فقال الطَّبَرِي: إنه من غَيْر هَذا المعنى المتقدِّم، فإنه بمَعْنَى الموقوفِ، فأصْل مُقِيت: مُقْوِت كمُقِيم.وقال مُجَاهِدٌ: معنى مُقِيتًا: شاهدًا وقال قتادة: حَفِيظًا، وقيل معناه: على كل حيوان مُقِيتًا، أي: يُوصِل القُوت إلَيْه.قال القَفَّال: وأي هَذَيْن المعنيين كان فَالتَّأوِيل صَحِيحٌ، وهو أنه تعالى قادر على إيصَال النَّصِيب والكفيل من الجَزَاءِ إلى الشَّافِع؛ مثل ما يُوصِلُه إلى المَشْفُوع، إن خيراُ فَخَيْرٌ، وإن شَرًّا فَشَرٌّ، ولا ينتَقِص بسبَب ما يَصِل إلى الشَّافِع شيء من جَزاء المَشْفُوع، وعلى الوَجْه الآخر: أنَّه تعالى- حَافِظُ الأشْيَاء شَاهِدٌ عليها، لا يَخْفَى عليه شَيْءٌ من أحْوَالِهَا، فهو عَالِمٌ بأن الشَّافِع يَشْفَع في حَقِّ أو في بَاطِل، حَفِيظٌ عليهم فَيُجَازِي كلًا بما عَلِمَهُ منه. اهـ.
|